Capture 2022 03 26 00.12.47

الحرب في أوكرانيا: الأمن الغذائي للدول المغاربية على المحكّ

هدى مشاشبي / ميديا ناو بلوس

تستمر الحرب الروسية على أوكرانيا منذ إعلان العملية العسكرية وبداية الغزو قبل شهر من الآن، وتتوالى معها التقارير حول الآثار الوخيمة التي ستتركها هذه الحرب، ليس فقط لأوكرانيا ولكنها ستتجاوز القارة العجوز إلى عدد كبير من دول العالم، لاسيما العربية منها، في كل من الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، إذ يحذّر الخبراء من أزمة غذائية غير مسبوقة ستشهدها الدول المرهون أمنها الغذائي بالاستقرار في أوكرانيا.

تسجّل الأسواق العربية في المشرق والمغرب، منذ بداية الغزو الروسي على أوكرانيا، اضطرابات في التموين بالمواد الغذائية الأساسية، على غرار القمح وما أنتج منه، والزيت كذلك، إذ يتم في الأيام الأخيرة تداول العديد من الفيديوهات على منصات التواصل الاجتماعي، تظهر تهافتا كبيرا للمستهلكين على المواد الغذائية ذات الاستهلاك الواسع، وتوضح صورا للطوابير الطويلة المصطفة في انتظار الظفر بأكياس السميد والدقيق وقارورات الزيت، التي باتت نادرة التوفر في رفوف المحلات والمساحات التجارية، الأمر الذي ينذر بواحد من أبشع السيناريوهات التي يمكن تصورها، في حال استمرت الحرب الروسية على أوكرانيا لأشهر أخرى، خاصة مع اقتراب شهر رمضان المعظم الذي يتجه خلاله المستهلك العربي إلى اقتناء وتخزين نسبة مضاعفة من المؤونة.

 

تتأثر العديد من الدول العربية حسب تقارير المنظمات والهيئات الأممية والدولية، بالحرب الروسية – الأوكرانية، بحيث يعدّ البلدين الجارين، ضمن أكبر خمس دول مصدرة للحبوب والزيت في العالم، حيث تبلغ قيمة التجارة الزراعية العالمية مع هذين البلدين نحو 1.8 تريليون دولار.

 

وبدخول البلدين في صراع مسلّح تسبب في تعطيل العديد من الموانئ التي تعتمد عليها أوكرانيا في نقل السلع إلى باقي دول العالم، نتيجة القصف المكثف على القواعد العسكرية والاقتصادية الحساسة، كما لجأت روسيا إلى تأجيل تصدير القمح إلى غاية شهر جوان المقبل.

 

وبالرغم من تأكيد السلطات في عدد من هذه الدول ذات الارتباط المباشر بالإنتاج الروسي والأوكراني من الغذاء، على توفر المخزون لأشهر أخرى، إلى أن أسعارها سجلت ارتفاعا قياسيا أما تزايد طلب المواطنين عليها تحسبا لشهر رمضان وتخوفا من حالات الندرة ونفاذ المخزون، في حال استمرار الحرب في أوكرانيا.

وسجّلت أسواق تونس، إقبالا غير عادي على المواد الاستهلاكية، وتزاحما غير معهود من طرف التونسيين، على المحلات لاقتناء كل ما يمكن تخزينه من المؤونة من زيت ودقيق وسكر وأرز تحسبا لأي طارئ، قد يدخل الدولة في أزمة غذائية، قد لا تتمكن الحكومة التونسية من تسييرها بشكل يضمن للشعب التونسي أمنه الغذائي، بالرغم من تأكيد الأخيرة على أن مخزونها من القمح يكفي على غاية شهر جوان المقبل، وهي التي تعتمد على القمح الروسي والأوكراني بنسبة 60%  لتغطية حاجياتها.

أما في الجزائر، يجد المواطنون أنفسهم أمام ندرة في مادة الزيت المخصصة للطهي، والسميد والدقيق الأبيض، أمام التهافت الكبير على هذه المنتوجات تحضيرا لشهر رمضان، من جهة، وتحسبا لما تخفيه الأيام أمام استمرار القتال في الأراضي الأوكرانية، وتشديد العقوبات الاقتصادية والمالية الغربية على روسيا من جهة أخرى.

وتعدّ الجزائر ثاني أكبر مستهلك للقمح في إفريقيا بعد مصر، بمعدّل 10 ملايين طن سنويا، وخامس مستورد للحبوب، وبالرغم من طمأنة السلطات الجزائرية للمواطنين بعد تأثر البلاد بالحرب، إلا أن أسعار كل المواد الغذائية ذات الاستهلاك الواسع وليس فقط القمح، تأخذ منحى تصاعديا مخيفا، منذ ما قبل اندلاع الحرب في أوكرانيا، أمام الانهيار الحاد للقدرة الشرائية للمواطن التي لم تنقذها الإجراءات الشحيحة المتخذة من طرف الدولة لإنعاش جيوب المواطنين من أصحاب الدخل الضعيف جدا والمتوسط، خاصة أمام توجهها نحو رفع الدعم عن المواد الاستهلاكية المعتمد منذ عقود.

ويعاني المواطنون في المغرب من الغلاء الفاحش لأسعار المواد الغذائية، كنتيجة حتمية لأسعار المحروقات في الأسواق الدولية، وبسبب الجفاف الذي يضرب المنطقة المغاربية بقوة، بما يؤثر بشكل كبير على المحاصيل الزراعية، الأمر الذي دفع بالسلطات في المغرب إلى رفع مخصصات دعم الطحين إلى 350 مليون أورو، وتعليق الرسوم الجمركية على استيراد القمح.

كما شهدت ليبيا البلد النفطي الذي يعتمد بنسبة 75% على القمح الروسي والأوكراني، ارتفاعا جنونيا في أسعار الدقيق والسكر والزيت، فيما تواجه مصر تهديدا حقيقيا بالمجاعة لحوالي 70 مليون مصري، باعتمادها على 80 % من القمح الروسي.

البلدان المغاربية، ومعها نحو 50 دولة في العالم، تواجه اليوم خطر الجوع أمام استمرار الحرب الروسية – الأوكرانية، وتترقب الحكومات في هذه البلدان تطور الأوضاع ، على أمل توصل طرفي النزاع إلى حلّ على طاولة المفاوضات التي تحرز تقدما كبيرا حسب آخر التقارير، حلّ من شأنه خفض حدة الأزمة التي تنتظر شعوبا مستقبل أمنها الغذائي رهن لقرار بوتين أن “القوات تتراجع”.

عن Houda Mechachebi

شاهد أيضاً

onu

مجلس الأمن ينظر في عضوية فلسطين في الأمم المتحدة

يصوت مجلس الأمن الدولي الخميس على مشروع جزائري (باسم المجموعة العربية) قدمته السلطة الفلسطينية برئاسة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Facebook
ميديا ناوبلوس - MEDIANAWPLUS