inbound6777081865132912175

سفير فرنسا السابق لدى الجزائر: “الجزائر ستسقط.. هل ستجرّ فرنسا معها ؟”

“الجزائر تنهار.. هل ستجرّ فرنسا معها؟”، هو عنوان تقرير “أسود” نشرته صحيفة “لو فيغارو” الفرنسية، بلسان سفير فرنسا السابق في الجزائر غزافييه دريانكور، الذي قدّم تقييماً نقدياً للغاية للسنوات الثلاث من عمر نظام ما بعد “بوتفليقة” معبّراً عن خشيته من تداعيات الوضع السياسي الجزائري على فرنسا. وذكر دريانكور أن “جميع المراقبين الموضوعيين يلاحظون أنه منذ عام 2020، ربما بعد أسابيع قليلة من الأمل، أظهر النظام الجزائري وجهه الحقيقي، فهو، حسبه، نظام عسكري، مدرّب على أساليب الاتحاد السوفييتي السابق، بواجهة مدنية فاسدة.

هدى مشاشبي / ميديا ناو بلوس

في مقال له بجريدة لوفيغارو اليمينية الفرنسية، أطلق السفير دريانكور أوصافا حادة على النظام الجزائري ونقدا شديدا لطريقة تعامل سلطات بلاده مع نظيرتها الجزائرية، وهو ما اعتبره إنكارا للواقع واستسلاما أمام النظام الجزائري، على حد قوله.

غزافييه دريانكور، الذي كان سفيراً لدى الجزائر مرتين؛ بين عامي 2008 و2012، ثم بين 2017 و2020، قال إن ثلاث سنوات مرّت منذ انتخاب عبد المجيد تبون رئيسا للجمهورية الجزائرية، وإن صداقته واحترامه للشعب الجزائري، تلزمه بالتذكير ببعض الحقائق عن الواقع السياسي والأوهام الفرنسية وعواقبها، زاعما أن “الجزائر الجديدة” بصدد الانهيار، وتجرّ فرنسا معها في طريقها للانهيار، بشكل أقوى من تسبّب الأزمة الجزائرية في سقوط الجمهورية الفرنسية الرابعة عام 1958.

 

ويضيف السفير السابق أن “الواقع الجزائري ليس كما يُرسم لنا: لقد سقط نظام بوتفليقة الفاسد في عام 2019، وبعد الاضطرابات، كما في أي ثورة، فإن الجزائر الناتجة عن (الحراك المبارك) ستكون كما قيل لنا عنوانا للتقدم، والاستقرار والديمقراطية”.

 

لكن ما حصل حسب زعم، دريانكور، فإن “جميع المراقبين الموضوعيين يلاحظون أنه منذ عام 2020، ربما بعد أسابيع قليلة من الأمل، أظهر النظام الجزائري وجهه الحقيقي: نظام عسكري، مدرّب على أساليب الاتحاد السوفييتي السابق، وحشي، بواجهة مدنية فاسدة مثل سابقتها التي أسقطها الحراك، مهووسة بالحفاظ على امتيازاتها، وريعها، وغير مبالية بمحنة الشعب الجزائري”.

 

ويقول السفير السابق، إنه يوجد، اليوم، في السجون الجزائرية سياسيون وموظفون وعسكريون يرتبطون بالنظام السابق، بالإضافة إلى صحافيين كتبوا مقالات تنتقد أو تتحفّظ على سياسة النظام، وأيضاً بوجود آخرين نشروا رأيًا مخالفًا على وسائل التواصل الاجتماعي. وقد سمحت جائحة كوفيد للجيش ببدء التطهير السياسي، ثم استغل الظروف الدولية الناجمة عن الحرب في أوكرانيا لإكمالها: كُمّمت أفواه الصحافيين، واعتقلوا، أو حرموا من جوازات سفرهم، كما أغلقت صحف، مثل  Liberté، بينما وضعت “الوطن” تحت الوصاية، وفي الأيام الأخيرة، أتى الدور على راديو M الذي اعتُقل مديره إحسان القاضي، ثم موقع AlgériePart لاتهامه بتلقي أموال من الخارج لنشر أخبار كاذبة من أجل “زعزعة استقرار البلاد”. علاوة على ذلك، تم حل جمعيات مثل “كاريتاس”، التي أسستها الكنيسة الكاثوليكية قبل عام 1962، واتُهم البعض الآخر بتلقي أموال من الخارج.

 

وتابع دريانكور القول إنه في الخارج، أي في بلده فرنسا، فإن الخطاب المناهض للفرنسيين، الذي كان انتهازيًا، وأحيانًا أخرق في عهد بوتفليقة، هو اليوم في صلب النظام في عهد عبد المجيد تبون، والذي تكمن قوته في جعل العالم يعتقد أن الجزائر ربما ليست ديمقراطية على النمط الغربي، لكنها تتحرك، وفقًا لوسائلها الخاصة، نحو نظام استبدادي قليلاً، وبوليسي بشكل لطيف، ولكن دون أن يكون ديكتاتورياً على الإطلاق.

 

لكن عبقرية هذا النظام تتجلى خاصة في تمكّنه من جعل هذه الحكاية تُبتلع من قبل الفرنسيين، الذين يفترض أنهم أكثر من يعرفونه. يتابع غزافييه دريانكور قائلاً: “نعتقد أننا نعرف الجزائر بحكم احتلالنا لها، لكن الجزائر تعرفنا.. سيكون عام 2023، بعد الزيارات الرسمية في 2022، وقت النشوة، مع زيارة دولة سيقوم بها الرئيس الجزائري. لكن دعونا نكن بلا أوهام: قبيل الانتخابات الرئاسية الجزائرية، سيشهد عام 2024 حتمًا أزمة جديدة، لأن الخطاب المناهض للفرنسيين هو خميرة حملة انتخابية ناجحة”.

 

واعتبر السفير الفرنسي السابق لدى الجزائر، أن بلاده تغض البصر عن الواقع الجزائري عن قصد أو انتهازية وعمى، حيث يتم في باريس التظاهر بالاعتقاد أن السلطة الجزائرية شرعية، إن لم تكن ديمقراطية، وأن الخطاب المعادي للفرنسيين شر ضروري ولكنه عابر، وأن الديمقراطية هي تدريب يستغرق وقتًا. فهذا العمى الفرنسي، يضيف غزافييه دريانكور، هو خطأ تاريخي. فالاعتقاد أنه بالذهاب إلى الجزائر والرضوخ للجزائريين في ما يتعلق بملفات كالذاكرة والتأشيرات، ستكسب فرنسا نقاطا دبلوماسية، وتجر الجزائر نحو المزيد من التعاون، هو مجرد وهم وأكذوبة. والعسكريون الذين يديرون الجزائر ليست لديهم مخاوف أو قلق عندما يتعلق الأمر بفرنسا.

 

ومضى دريانكور إلى الإشادة بتصريحات الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، التي أدلى بها في أكتوبر عام 2021، وكشفت عنها صحيفة “لوموند”، حيث قال: “إن تاريخا رسميا أعادت الجزائر كتابته تم بناؤه على كراهية فرنسا”، وتحدث عن “ريع الذاكرة”، وعن “نظام سياسي عسكري مرهق”، ليكون بذلك قد أشهر وضوحا لم يُظهره أي من أسلافه. لكنه انتقد بشدة “اندفاع” ماكرون بعد ذلك إلى الجزائر العاصمة، التي أدلى منها بالتصريحات التي كان الجزائريون ينتظرونها بشأن الذاكرة والهجرة، قبل أن يرسل رئيسة وزرائه مع خمسة عشر وزيراً إلى الجزائر.

 

وتساءل سفير باريس السابق لدى الجزائر لماذا لا تتمسك حكومة بلاده بخط الحزم الوحيد الذي تفهمه الجزائر، وهو ميزان القوة بدلاً من اللاواقعية أو السذاجة. قائلاً إن أداء الجزائر سيئ، أسوأ بكثير مما يعتقده المراقبون أو الصحافيون النادرون. إذ إن 45 مليون جزائري لديهم هاجس واحد فقط: المغادرة والفرار. وأضاف: “الذهاب إلى أين؟ إن لم يكن إلى فرنسا، حيث لكل جزائري عائلة. ويتقدم عدد لا يحصى من الأشخاص اليوم للحصول على تأشيرة لغرض وحيد هو القيام برحلة في اتجاه واحد، أي البقاء بطريقة أو بأخرى في فرنسا”.

 

الخيارات الكارثية لعام 1962 والأزمة الاقتصادية والفساد الناجم عن ريع النفط وإحباط عزيمة ليس فقط نُخب المدن الكبرى في الشمال، ولكن أيضا سكان الريف وعمق الجزائر، هي أمور تؤكد أنه بهذه الوتيرة، سيبقى عدد قليل من الناس في الجزائر. وبالتالي، فإن ثمن عمى فرنسا أو تنازلاتها سيجر عليها هجرة جماعية.

 

وخلص دريانكور إلى القول إن فرنسا تواجه مفارقة مزدوجة: من ناحية، التحالف بين جيش مناهض لفرنسا والإسلاميين الذين يكرهوننا، حيث يشترك الاثنان في كراهية فرنسا، والإرادة القوية للقضاء على بقايا الاستعمار لغويا وثقافيا، مع جعل فرنسا تدفع ثمن ماضيها الاستعماري، من خلال الهجرة والاعتذار. والمفارقة الثانية هي أنه بعد 60 عاماً من استقلال الجزائر، ما زالت مشكلة اتفاقات إيفيان تراوح مكانها. وبالتالي، انتصرت الجزائر في المعركة ضد المستعمر السابق: تبقى (الجزائر) مشكلة بالنسبة لفرنسا، فهي تنهار، لكنها قد تجرّ باريس معها، يحذر غزافييه دريانكور، قائلا إن الجمهورية الرابعة ماتت في الجزائر، فهل تستسلم الجمهورية الفرنسية الخامسة بسبب الجزائر؟.

غضب وغليان في الجزائر

في الجزائر، تتسارع ردود الفعل الرسمية على تصريحات السفير الفرنسي الذي شهدت فترة ترأسه للبعثة الديبلوماسية الفرنسية في الجزائر تراجعا ملفتا للدور الفرنسي كلاعب رئيسي في دائرة صنع القرار، وكذا عاش السفير تهميشا غير مسبوق من قبل السلطات الجزائرية، ولعلّه الأمر الذي يدفع به اليوم حسب متابعين في الجزائر إلى الانتقام.

ويضع المتابعون في الجزائر خرجة دريانكور، في سياق محاولة كسر الصمت عن مفاوضات تجري في الخفاء ولا يراد لها أن تكشف حتى لا تجهض أو يتم إجهاضها ككل مرة كون العلاقة بين الجزائر وفرنسا فريدة من نوعها وتحكمها وتتحكم فيها معطيات هي الأخرى فريدة من نوعها، لأن المتستر فيها أكثر بكثير مما هو ظاهر للعيان ومعروف لدى الرأي العام في البلدين.

من جهته، أكد رئيس مجلس الأمة، صالح قوجيل، أن الجزائر الجديدة حافظت على استقلال القرار السياسي واستعادت مكانتها في المحافل الدولية ما أقلق الأعداء وامتدادهم في الخارج.

وردا على تصريحات السفير الفرنسي السابق بالجزائر كزافيي دريانكور التي تضمنت تصريحات عدوانية حول الوضع في الجزائر، أكد قوجيل أن هذه مناورات من طرف الذين مارسوا مسؤوليات تخص بلادهم في الجزائر من أجل مهاجمتها ، وكذلك  كون مخلفات الاستعمار مازالت موجودة . وتابع رئيس مجلس الأمة قوله أن “هذه المرحلة يجب أن يفهموا أننا تجاوزناها وجزائر اليوم ليست جزائر الأمس”.

عن Houda Mechachebi

شاهد أيضاً

hms

لبنان يردّ رسميا على مبادرة فرنسية لوقف التصعيد مع إسرائيل

سلم وزير الخارجية اللبناني السفير الفرنسي في لبنان، الجمعة، رد بيروت على مبادرة باريس الرامية …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Facebook
ميديا ناوبلوس - MEDIANAWPLUS