IMG 0953 scaled

وجهتهم فرنسية.. الجزائر تفقد 1200 طبيب اختار ردّ الكرامة

هدى مشاشبي / ميديا ناو بلوس

في خطوة تعدّ الأولى في رحلة البحث عن ترخيص لممارسة مهنة الطب في فرنسا، نجح ما بلغ عدده 1200 طبيب أخصائي جزائري من أصل 2000 طبيب في اختبارات التحقق من المعرفة، حسب ما كشف عنه موقع المؤسسة العامة المسيرة لقطاع الصحة في فرنسا بخصوص نتائج المسابقة المخصصة للأطباء الأخصائيين من خارج القارة الأوروبية.

أثارت نتائج المسابقة التي اقتطع فيها الأطباء الجزائريين حصة الأسد من بين أطباء من 24 دولة، جدلا واسعا في الجزائر، خاصة في ظل الظرف الصحي الاستثنائي الذي تعيشه الجزائر على غرار باقي دول العالم، وهي تواجه اليوم الموجة الرابعة من جائحة كورونا التي أودت بحياة الملايين من البشر منذ الإعلان الرسمي لأول حالة إصابة في إقليم مقاطعة ووهان الصينية في ديسمبر 2019.
وأعادت نتائج المسابقة مسألة هجرة الأدمغة الجزائرية إلى الواجهة وهروبها نحو الضفة الأخرى من البحر المتوسط بحثا عن الكرامة المفقودة في الجزائر، في ثاني أكبر موجة هجرة من الجزائر بعد تسجيل هجرة ما يزيد عن 1000 طبيب بين سنتي 2018 و2019، بعد فتح 5000 منصب لمزاولة المهنة في فرنسا بموجب المرسوم التنفيذي الصادر في الجريدة الرسمية الفرنسية تحت رقم 0274-2018، القاضي بمنح رخص مؤقتة للعمل لطلبة الطب الأجانب في تخصصات الطب والصيدلة وجراحة الأسنان، خاصة وأن المرسوم التنفيذي قد ضمن للطبيب الأجنبي بعد حصوله على الموافقة بالانتقال للعمل على الأراضي الفرنسية بنفس حقوق الطبيب الفرنسي، بما في ذلك الأجور والإجازات والحماية الاجتماعية، لتسجل الجزائر خيبة أخرى في محاولة ثني أطبائها عن قرار الهجرة، بالرغم من تأكيد رئيس الجمهورية الجزائري عبد المجيد تبون وهو يقف العام الماضي على أوضاع مؤسسات استشفائية جزائرية أن المنظومة الصحية بالبلد تعدّ الأحسن إفريقيا.
وعلّق رئيس النقابة الجزائرية لمهنيي الصحة الدكتور إلياس مرابط على صفحته الرسمية على منصة فايسبوك: ” يتواصل النزيف وتتواصل السقطات، حوالي 1200 طبيب من مختلف الاختصاصات يستعدون للمغادرة إلى فرنسا والعمل في مستشفياتها وذلك بعد نجاحهم في اجتياز مسابقة الكفاءات”.
فيما اعتبر رئيس النقابة الوطنية للممارسين الأخصائيين في الصحة العمومية الجزائرية البروفيسور محمد يوسفي أن المنظومة الصحية في الجزائر مريضة، وأرجع علّتها إلى سوء التسيير الذي يحذّر منه هو ومختصون آخرون معه منذ ما يزيد عن 30 سنة، ” لقد قمنا بالتشخيص منذ زمن، وقدّمنا كل الحلول التي من شأنها النهوض بالقطاع الصحي، وعقدنا عدة جلسات جهوية ووطنية إصلاحية منذ تسعينات القرن الماضي إلى غاية آخر جلسة سنة 2014، ووضعنا خريطة صحية شاملة في 2015، ضمت كل الشركاء الاجتماعيين، وتم التشاور ثم التصديق على مشروع إصلاح المستشفيات في شهر ماي من العام الماضي، ولا زلنا ننتظر إصلاحا عميقا قد نادى إليه رئيس الجمهورية مع نهاية الموجة الثالثة، ليتم الآن استدعاؤنا إلى جلسات أخرى بالرغم من وجود كل الوسائل لتطبيق الخريطة الصحية السابقة !”.

وحسب أرقام وزارة الصحة الفرنسية، فإن 25 بالمائة من الأطباء الأجانب المقيمين في فرنسا يأتون من الجزائر، وهي النسبة الأعلى تليها المغرب بنسبة 11.5٪، لما يجدونه من عروض مهنية مغرية يصل فيها راتب الأطباء من أصحاب الخبرة المهنية الطويلة إلى 173 ألف يورو سنويا، فيما يصل راتب طبيب ممارس عام مبتدئ إلى 33 ألف يورو سنويا. وكان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون قد أثنى على الكفاءة والمهنية التي يتميز بها الأطباء الجزائريين والمغاربة عموما، معتبرا إياهم قيمة مضافة للغرب .

مزيد من الورشات.. الردّ الرسمي في الجزائر

وفي تعليقه على المسألة التي يراها الرأي العام الجزائري تهديدا آخر يضاف إلى جملة من مثبطات النهوض الصحي في الجزائر، قال وزير الصحة في الجزائر عبد الرحمن بن بوزيد أن مثل هذه الأمور ليست ظاهرة تخصّ الجزائر فحسب وإنما تشهدها جميع دول العالم، مرجعا السبب وراء هجرة الأطباء إلى تمسّك من تجاوزوا سنّ التقاعد بمناصبهم وعدم تركهم الفرصة للشباب، معترفا ومؤكدا على ضرورة إعادة النظر في المنظومة الصحية للبلاد، ما يتطلب حسبه عقد المزيد من الورشات في سبيل تحقيق السبيل المنشود.

مشاكل مهنية واجتماعية مستعصية .. وتضييق سياسي

يتقاضى الطبيب العام في الجزائر في المستشفيات الحكومية، حسب سلّم الأجور المعمول به، راتبا يعادل 400 أورو شهريا، وهذا بعد 12 سنة من الدراسة الجامعية المعقدة والمضنية، ناهيك عن الضغط الرهيب الذي تشهده المراكز الاستشفائية في الجزائر بالنظر إلى شساعة الرقعة الجغرافية وكثافة التركيبة السكانية بمقابل العدد المحدود جدا لهذه المؤسسات لاسيما المتخصصة منها، خاصة في الولايات الجنوبية للبلاد، التي تغيب فيها الشروط المهنية الضرورية لمزاولة الطبيب لنشاطه بأريحية، ظروف مزرية أدّت بالأطباء الجزائريين إلى الدخول في عدة إضرابات وموجة احتجاجات تحوّلت إلى أزمات حقيقية شلّت بموجبها المستشفيات الجزائرية وانتهت بصور بشعة صوّرت الطبيب يضرب إلى درجة إراقة دمائه بعصيّ قوات الأمن المختصة في مكافحة “الشغب”، أمام قبّة البرلمان الجزائري، وهم يطالبون بردّ الاعتبار لكرامة الطبيب الجزائري الذي يعتبر اليوم من أصحاب الدخل المحدود بالرغم من الشعارات السياسية التي تتغنى بدور “الجيش الأبيض” المكافح في المستشفيات لإنقاذ أرواح الجزائريين التي أخذتها جرعة أكسيجين مفقودة.

هجرة الأدمغة ومفارقة الكرة المستديرة

مسألة هجرة الأطباء الجزائريين لم تمرّ مرور الكرام، فقد انفجرت مواقع التواصل الاجتماعي في الجزائر بردود فعل قوية منها الساخطة ومنها الساخرة، فأبدع الجزائريون في إنتاج رسوم كاريكاتورية و”ميمز” تسجل خيبة الجزائر وتبكي حسرة الجزائريين في فقدان نخبتهم، فيما بكى آخرون حال البلد وهو يستقبل لاعبين ضمن صفوف المنتخب الوطني الجزائري قادمين من المدارس الفرنسية لينفق عليهم بسخاء نظير هز الشباك في المستطيل الأخضر، بينما راحت الجزائر تصدّر أطباءها إلى فرنسا.. أليست مفارقة غريبة ؟ شاركنا رأيك.

 

 

 

 

 

 

 

عن Nawel Thabet

شاهد أيضاً

vito

أمريكا تستخدم الفيتو ضد عضوية فلسطين في الأمم المتحدة

استخدمت الولايات المتحدة الأمريكية حق النقض “الفيتو” لمنع دولة فلسطين من الحصول على العضوية الكاملة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Facebook
ميديا ناوبلوس - MEDIANAWPLUS