Nouveau projet10
مهدي السيد

بورتريه : مهدي السيد .. من بور سعيد إلى باريس ترقب، مغامرة ونجاح.. وعد فوفّى ..

لعل لحكاية وصول “مسلة الأقصر” المصرية إلى عاصمة الجن والملائكة (باريس)، سر في جر المصريين وراءها ليقفوا شاهدا على تزيينها لساحة الكونكورد الباريسية وتصنيفها كأقدم معلم تاريخي يقدم كهدية من محمد علي باشا للملك الفرنسي شارل العاشر سنة 1827.
القصة بدأت بإبحار سفينة من الأقصر بحمولة ثمينة تخطت مائتان وخمسون طنا، عابرة نهر النيل مرورا بالبحر المتوسط، عبر رحلة استغرقت 7 سنوات تخللتها العديد من المغامرات الشيقة بين الإثارة والدراما.

نوال.ثابت / ميديا ناو بلوس

تختلف الروايات وتتنوع الحكايات، لكن لكل مهاجر عربي قصته الخاصة سواء كان مصريا، جزائريا، مغربيا، تونسيا، فلسطينيا، لبنانيا أو من جنسية أجنبية أخرى.. حياة كفاح وكد واجتهاد.
عندما يكون الأمل والإصرار متلازمان مع الإنسان يزرع من اللاشيء شيئا، ويجعله مميزا ومتألقا .. هذا ما يحصل مع الكثير من المهاجرين العرب القادمين إلى بلاد الغرب. مشقة وتعب محفوفتين بالمخاطر تتجاوزهما عزيمة رهيبة تولد الهمم وتلامس القمم بطموح أقوى من الظروف.

نجاحات مصريين

مهدي السيد، مهاجر مصري على رأس شركة “أسا” للمقاولات بباريس، مثقف وحامل لشهادات جامعية بمنحة دراسية تكريمية برتبة 7 من أوائل الجمهورية. خريج جامعة التجارة، ورئيس لمصلحة الإدارة، قطع أشواطا قياسية، بدأ رحلته من بور سعيد كمفتش ضرائب إلى غاية وصوله باريس.
في الثمانينات، خرج مهدي السيد في تجربة ثرية بحثا عن ظروف أحسن، هروبا من شروط الأوضاع المصرية القاسية. كلها بعزيمة حديدية واجه بها تحديات “الغربة” الباريسية، ففرضت عليه هذه الأخيرة الانطلاق من النقطة “صفر”، وإعادة التعريف بالذات وفقا لمعطيات الواقع الجديد. رسمت حدودا جديدة بطبيعة العلاقة بينه وبين حنية الوالدة العزيزة وشغف الإخوة الأحبة في أرض الحنين.
واقع يحمل خليطا ممزوجا بين الخوف من المجهول والأمل في مصير مرغوب مليء بالترقب والمغامرة.
في جلسة عائلية سعيدية بدأ مهدي التخطيط للسفرية، بتحفيز من ابن العم المقيم في باريس. دخل مهدي السيد في دوامة الحصول على التأشيرة، ثم شراء التذكرة وامتطاء الطائرة باتجاه العاصمة باريس، شريطة البقاء لمدة سنة واحدة فقط ثم العودة من جديد إلى بور سعيد.
وأخيرا وطأت قدماه بباريس، كان في استقباله ابن العم، فأقام لديه فترة زمنية تعدت بضعة شهور.. لقي من خلالها العديد من فرص العمل في مختلف المجالات.. غادر بعدها مسكن الأقارب حتى لا يكون عبئا عليهم وأن يعول على الاعتماد على نفسه.
اقتربت المهلة المحددة من السنة وحان وقت العودة، لكن وجد مهدي السيد نفسه أمام مأزق الشعور وتأنيب الضمير، بالعودة بأيادي فارغة بعيدة عن تحقيق المبتغى. تمسك من جديد وأمهل نفسه فترة زمنية مفتوحة الآجال.

وكانت أول هدية منه: منح الوالدة العزيزة زيارة إلى البقاع المقدسة، بأول راتب شهري جمع عليه كل ما قبضه لإدخال الفرحة إلى قلب الأم الحنون. وفّى مهدي السيد بالوعد وأرسل المبالغ المالية إلى أفضل وكالة سفر في مصر، هذه الأخيرة اشترطت عليه مرافقة الأم الكريمة. لكن ما كانت تجهله الوكالة أن مهدي السيد ادخر وجمع رواتب الشهور الأولى من أجل الوفاء بالوعد ورد الجميل للوالدة الحبيبة، ولم يتبق له فلسا واحدا، فوجد نفسه مضطرا لمضاعفة العمل إلى غاية تجميع المبلغ المطلوب والنزول إلى مصر من أجل أداء فريضة الحج مع والدته.
وبعزيمة قوية تمكن من مضاعفة العمل في مجال الأشغال العمومية إلى غاية التخصص فيه. نجح في تسوية الوثائق القانونية ثم فتح شركته الخاصة. كسب ثقة الفرنسيين واحترامهم في مجال عمله.

** افتح بابا تفتح لك العشرات ..
حرص مهدي على توفير كل فرص النجاح من حوله، بداية بالأمانة، والثقة وخصوصا الالتزام بالمواعيد في العمل. وضع نصب عينيه هدف كسب احترام الفرنسيين والإنبساط بمساعدة نفسه وأهله وحتى الآخرين إلى درجة أن صارت سعادته في مساعدة الناس مفتاح نجاحه.. لأنه يرى في كل باب يفتحه العشرات من الأبواب التي تنفتح بفضل الله.
يقول مهدي السيد: “الناس تفتكر بأن المهاجر في راحة ونزهة في فرنسا، لا ..ده غلط .. المهاجرون يبدؤون حياتهم هنا من الصفر ويشتغلون منذ الفجر إلى غاية الثامنة ليلا، إلى غاية الحصول على العلامة الكاملة، ولا تكتمل إلا بعرق الجبين وبعدين مثل ما نقولوا إحنا المصريين : تبقى حاجة زي الفل”.

حلمه الوحيد الذي يوحد أحلام المهاجرين يبقى روح المجتمع الأسري و لمذاق المصري بين طبخات الملخية والكفتة المحشية و البار و الدوراد و الكروفيت على أمل الرجوع يوما ما إلى بور سعيد وسط منى عينيه: الزوجة وضوء بصره سارة، آدم وأحمد وجميع الأهل والأحباب ..

PHOTO 2024 03 09 23 28 23
مهدي السيد و العائلة الكريمة

وهكذا تبقى نجاحات المهاجرين في الغربة مفخرة عربية مبنية على أسس الأمانة، الإخلاص وحب العمل، تؤطرها عوامل الطموح والسعي والعزيمة كأدوات النجاح في الغرب.

عن Nawel Thabet

شاهد أيضاً

parisccc

فرنسا: الجمعية الوطنية تتبنى قرارا يندد بـ”القمع الدامي والقاتل” لجزائريين في 17 أكتوبر 1961

أيد 67 نائبا اقتراح قرار “يندد بالقمع الدامي والقاتل في حق الجزائريين، تحت سلطة مدير …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Facebook
ميديا ناوبلوس - MEDIANAWPLUS