inbound5671192700980775841

قمة فرنسية – مصرية لتعزيز العلاقات الثنائية ومناقشة الملفات ذات الاهتمام المشترك

استقبل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، نظيره المصري عبد الفتاح السيسي في قصر الإليزيه، أين أجريا محادثات ترمي إلى تعزيز العلاقة المبنية على روابط أمنية ودفاعية، في ظل توترات إقليمية. وتأتي زيارة السيسي هذه بعد أيام من استقبال ماكرون لرئيس دولة الإمارات الشيخ محمد بن زايد آل نهيان أكبر حليف للسيسي.

هدى م / ميديا ناو بلوس

تأتي زيارة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي وسط مخاوف متزايدة من آثار الغزو الروسي لأوكرانيا على إمدادات الأغذية العالمية، حيث ناقش مع نظيره الفرنسي ماكرون سبل التعامل مع “العواقب الاقتصادية وتلك المتعلقة بالطاقة والأمن الغذائي العالمي لهذا النزاع”، وفق أوردت الرئاسة الفرنسية في بيان لها.

وتطرق ماكرون والسيسي أيضًا إلى مكافحة الاحترار المناخي، علمًا أنه من المقرر أن تستضيف مصر مؤتمر الأطراف للمناخ “كوب 27” في منتجع شرم الشيخ شهر نوفمبر المقبل.

وأضاف الإليزيه أن “الرئيسين عرضا القضايا الرئيسية للتعاون الثنائي”.

وفي أسبوع احتلت فيه ملفات الشرق الأوسط حيزاً بارزاً من ضمن اهتمامات الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الدبلوماسية والسياسة الخارجية، استضاف ما بين الاثنين والجمعة ثلاثة رؤساء دول، هم رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان (في زيارة دولة)، والرئيس الفلسطيني محمود عباس (زيارة عمل رسمية)، والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي (زيارة رسمية) والذي لم تعلَن زيارته إلى العاصمة الفرنسية رسمياً إلا مساء الخميس من خلال بين صادر عن قصر الإليزيه.

وتشكّل باريس المحطة الثالثة في جولة الرئيس عبد الفتاح السيسي بعد ألمانيا وصربيا، وتأتي في ظل سياق إقليمي ودولي متوتر سمته الرئيسية تواصل الحرب الروسية على أوكرانيا التي أنهت شهرها الخامس، فيما لا تبدو في الأفق أي مؤشرات تدل على قرب انتهائها أو على الأقل وقف لإطلاق النار.

وفي هذا السياق، تبدو زيارة الرئيس السيسي بالغة الأهمية بالنظر لتأثر مصر بأزمة توقف صادرات الحبوب الروسية والأوكرانية واعتمادها الكبير على مشترياتها من هذين المصدرين.

وتجدر الإشارة إلى أن الرئيس الفرنسي أطلق في وقت مبكر مبادرة FARM لمساعدة البلدان الإفريقية على وجه الخصوص على مواجهة أزمة نقص الحبوب من الأسواق العالمية.

وتندرج زيارة الرئيس المصري في سياق التشاور بين بلدين تربطهما علاقات وثيقة سياسياً ودفاعياً واقتصادياً وتجارياً وثقافياً وعلمياً. فخلال العامين الماضيين، التقى الرئيسان خمس مرات وجاء عبد الفتاح السيسي إلى باريس مرتين العام الماضي ( في ماي ونوفمبر ) للمشاركة في مؤتمرات جدولية حول السودان وليبيا والمحيطات. وآخر مرة جاء إلى فرنسا (مدينة بريست، غربي البلاد)، كانت في فيفري الماضي للمشاركة في قمة المحيطات.

وأولى ماكرون خلال ولايته الأولى أهمية كبيرة للعلاقات مع مصر ومنح السيسي خلال زيارة دولة لباريس في ديسمبر 2020، وسام جوقة الشرف وهو أرفع وسام فرنسي، في خطوة أثارت صدمة الناشطين الحقوقيين.

ولطالما عبّر الحقوقيون عن قلقهم حيال زيارات السيسي لباريس، معتبرين أن على فرنسا أن تفعل المزيد من أجل السجناء السياسيين في مصر الذين تقدّر المنظمات الحقوقية عددهم بنحو 60 ألف سجين.

وفي إشارة إلى هذه المخاوف، ذكر الإليزيه في بيانه: “كجزء من حوار الثقة بين فرنسا ومصر، تطرق أيضا الرئيسان إلى مسألة حقوق الإنسان”.

وتعرب المنظمات الحقوقية عن قلق بالغ حيال قضية الناشط السياسي والمدوّن المصري البارز علاء عبد الفتاح المضرب عن الطعام منذ أكثر من مئة يوم بعدما حكم عليه في ديسمبر بالسجن خمس سنوات.

وحضّت منظمة “مراسلون بلا حدود” التي تعنى بالدفاع عن حقوق الصحافيين، ماكرون قبيل محادثاته مع السيسي، على “عدم تجاهل مصير علاء عبد الفتاح… وجميع الصحافيين المعتقلين”.

وأشارت مصادر رسمية في باريس إلى أن فرنسا “مهتمة جداً بالتشاور مع الجانب المصري ومع الرئيس السيسي تحديداً نظراً للدور المهم الذي تلعبه القاهرة في عدد من الأزمات”، مشيرةً بشكل خاص إلى رغبة فرنسية للتعاون مع القاهرة في الملف الفلسطيني – الإسرائيلي.

ويكمن وجه الأهمية في أن الرئيس الفرنسي التزم للرئيس الفلسطيني محمود عباس، عندما استقبله الأربعاء الماضي في قصر الإليزيه، بالعمل من أجل إعادة إحياء مسار المفاوضات الفلسطينية – الإسرائيلية المتوقفة منذ العام 2014.

وكان ماكرون قد التقى في باريس رئيس الوزراء الإسرائيلي يائير لبيد الذي تقوم معه علاقة صداقة قديمة تعود للعام 2016 عندما كان الاثنان يشغلان حقيبة الاقتصاد في فرنسا وإسرائيل.

وتشترك فرنسا مع ألمانيا ومصر والأردن في صيغة رباعية تهدف إلى تسهيل عودة المفاوضات، بينما لم تحدث زيارة الرئيس الأميركي جو بايدن إلى إسرائيل والأراضي الفلسطينية أي تقدم على هذا الصعيد، ما يترك الباب مفتوحا أمام المساعي التي قد يريد ماكرون القيام بها.

وعكست تصريحات الناطق باسم الرئاسة المصرية السفير بسام راضي بعض المواقف التي عبّر عنها الرئيسان السيسي وماكرون.

وقال المتحدث المصري إن “القمة المصرية – الفرنسية تناولت عدداً من الملفات الإقليمية، خصوصاً مستجدات القضية الفلسطينية، وسبل إحياء عملية السلام، حيث أعرب الرئيس الفرنسي عن تقدير بلاده البالغ للجهود المصرية في هذا الاتجاه، فيما أكد الرئيس المصري موقف بلاده الثابت بضرورة التوصل إلى حل عادل وشامل يضمن حقوق الشعب الفلسطيني وإقامة دولته المستقلة وفق المرجعيات الدولية”.

ومن هذا المنظور، فإن التشاور مع الرئيس السيسي يبدو مهما فضلا عن كون مصر جهة فاعلة لتبريد الجبهة الإسرائيلية مع غزة والدور الذي تقوم به في عملية إعادة إعمار القطاع.

وكان لافتا الاستقبال الحار الذي خصصه ماكرون لضيفه، إذ عانقه في باحة قصر الإليزيه على وقع الموسيقى العسكرية للحرس الجمهوري وتبادل معه الحديث مطولا قبل الدخول إلى القصر من أجل اجتماع وصفه الناطق باسم الرئاسة المصرية بـ “المغلق”

وفي سياق الحرب الأوكرانية وارتفاع أسعار الطاقة والخوف الأوروبي من تناقص كميات الغاز التي تبيعها روسيا لدول الاتحاد، ومساعي المسؤولين الأوروبيين لإيجاد بدائل عنه، تبدو مصر، في هذا الإطار، لاعبا مهما بفضل إمكانياتها في تسييل الغاز الطبيعي وتسهيل إيصاله بالناقلات إلى الموانئ الأوروبية.

وثمة توافق بين الخبراء والمحللين على أن ملف الطاقة الذي يرتبط به غلاء الكهرباء والمشتقات النفطية وأسعار السلع الرئيسية والتضخم، يمكن أن يتحول إلى ملف متفجر ما يدفع الحكومة الفرنسية وبقية الحكومات الأوروبية إلى إيجاد الوسائل لمساعدة الشرائح الشعبية الأكثر هشاشة مخافة اندلاع أعمال احتجاجية وأزمات اجتماعية.

وتناولت المباحثات أيضا تطورات الأوضاع في كلٍّ من شرق المتوسط وليبيا وسوريا ولبنان، وأكد الرئيس المصري أنه “لا سبيل لتسوية تلك الأزمات إلا من خلال الحلول السياسية، بما يحافظ على وحدة أراضيها وسلامة مؤسساتها الوطنية، ويوفر الأساس الأمني لمكافحة التنظيمات الإرهابية ومحاصرة عناصرها للحيلولة دون انتقالهم إلى دول أخرى بالمنطقة”.

وبدوره “أعرب الرئيس الفرنسي عن تطلع بلاده لتكثيف التنسيق المشترك مع مصر حول قضايا الشرق الأوسط، وذلك في ضوء الثقل السياسي المصري في محيطها الإقليمي”، وفقاً للمتحدث المصري.

ويبدو الملف الليبي بتشعباته الداخلية والخارجية الأكثر إثارة للقلق، إذ ترى المصادر الفرنسية أن “الجهود المبذولة على أكثر من مستوى والوساطة التي تقوم بها الأمم المتحدة تراوح مكانها وكل خطوة إلى الأمام تتبعها خطوة إلى الوراء.

وتعزو باريس الأسباب للعبة السياسية الداخلية ورغبة التيارات والجهات المتحاربة المتحكمة بالوضع راهناً في الإبقاء عليه على حاله لأنه يصب في مصلحتها.

أما الملف اللبناني الذي حاز اهتمام قمة جده الخليجية – العربية – الأميركية فلا يبدو أقل تعقيدا، ووفق مصادر فرنسية رسمية، فإن باريس تدفع باتجاه تصويت مجلس النواب اللبناني على عدة مشاريع قوانين ضرورية لمنع الانهيار الكامل للاقتصاد اللبناني وللوضع بكليته، فيما المعركة مستعرة إما بالنسبة لتشكيل الحكومة المتعثرة أو بالنسبة لانتخابات رئاسة الجمهورية.

وتتخوف العاصمتان من الفراغ المؤسساتي في حال تعذر حصول الانتخابات الرئاسية، ما سيزيد الفوضى ويسرع في انهيار الوضع.

أما بالنسبة للملف السوري، فإن الموقف الفرنسي يركز على أن تطبيع الوضع مع دمشق لا يتعين أن يكون مجانياً ويُفترض بالدول المطبّعة أن تحصل على “مقابل” من دمشق في ملف الذهاب إلى حلول سياسية وإجراء الإصلاحات المطلوبة وإطلاق سراح المعتقلين وجلاء حالات مجهولي المصير.

عن Houda Mechachebi

شاهد أيضاً

parisccc

فرنسا: الجمعية الوطنية تتبنى قرارا يندد بـ”القمع الدامي والقاتل” لجزائريين في 17 أكتوبر 1961

أيد 67 نائبا اقتراح قرار “يندد بالقمع الدامي والقاتل في حق الجزائريين، تحت سلطة مدير …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Facebook
ميديا ناوبلوس - MEDIANAWPLUS